رحلة الحرف العربي

رحلة الحرف العربي

اللغة هي وسيلة تفاهم وتواصل ونقل الأفكار والرؤى بين أبناء المجتمع وهي أيضاً تعبر عن مدى عراقة الأمة التي تنطق بها ومدى تطورها كونها مرآة أعماق المجتمع الإنساني في وعيه وتمدنه.

وقد عبرت اللغة العربية عن مدى أصالة الأمة التي تنتمي لها وعراقة حضارتها وتجذرها في تاريخ البشرية فقد كانت عبر تاريخها الطويل نتاج تفاعل إبداعي وحضاري منفتح، تنمو وتتطور كما الكائنات الحية لتواكب تقدم الأمة العلمي والفكري.

ويعتبر الخط العربي أحد أهم الركائز التي قام عليها الفن الإسلامي فقد برع العرب في زخرفة الخط العربي واستخرجوا من أشكال الحروف المجردة ينابيع جمال انسابت بدقة متناهية مكونة أعمالاً فنية بديعة وقد انطلق الحرف العربي مع الفاتحين العرب المسلمين إلى الممالك البعيدة وكتب الفرس لغتهم بالحروف العربية وكتب الهنود بها لغة الآوردو وكذلك فعل الأتراك وغيرهم من الأمم التي ما زالت إلى الآن تستعمل الحروف العربية في الكتابة.

فالحرف العربي هو نتاج تفاعل إبداعي وحضاري طويل وقد استطاع الخطاطون من خلاله إعادة تفسير صورة الجمال في الكون ورسم الرقة والعذوبة والرشاقة في سفر اللغة حيث يتلازم مع سفر الحرف ليشكل لوحة إبداع فني أصيل.

واليوم نستطيع أن نستفيد من هذا التراث الفني العظيم ومن الطبيعة الزخرفية للحروف العربية في جوانب جديدة في حياتنا العملية بما يعزز صمود ثقافتنا وتراثنا أمام الهجمة الغربية الشرسة التي تعمل على طمس معالم هويتنا الحضارية ، فقد اعتدنا على رؤية الشباب والأطفال يرتدون الألبسة والمعاطف المكتوب عليها بالحروف الأجنبية على الرغم من أن معظمها منتج محلياً فلماذا لا نعوّد أبناء مجتمعنا على أن تكون الكتابة بالحروف العربية؟؟

مع أنه لو كتب على هذه الألبسة بالحروف العربية فسوف تكون أجمل وستكون العبارات المكتوبة تتناسب مع ثقافة مجتمعنا وقيمه لا كما هو الحال في العبارات المكتوبة باللغة الأجنبية التي لو حاولنا ترجمتها لكي نفهم معناها فإنها ستكون في الغالب عبارات لا معنى لها.

المصدر: مقال رأي للكاتب سعد الراشد نقلا عن صحيفة “الجماهير”


إضافة تعليق