“ألكسو” ذكرت بأهمية إنشاء اللجنة القومية للغة العربية

<!--:ar-->“ألكسو” ذكرت بأهمية إنشاء اللجنة القومية للغة العربية<!--:-->

أصدرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “ألكسو” بيانا بمناسبة “يوم اللغة العربية”، جاء فيه: “في اليوم الأول من شهر مارس لهذه السنة تمر خمس سنوات على إحداث المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هذه السنة الثقافية الحميدة التي دخلت ضمن تقاليدنا، وصرنا نتهيأ لها ونوفيها حقها من الاهتمام والعناية، ألا وهي الاحتفال بيوم اللغة العربية.
ففي مثل هذا اليوم من كل سنة ندعو العرب جميعا من المحيط إلى الخليج وفي بقية أنحاء العالم، دولا ومؤسسات وأفرادا، إلى مشاركتنا في الاحتفاء بهذا الحدث ذي الدلالة الرمزية البالغة الأهمية، وذلك بالوقوف إجلالا أمام هذه الرابطة المعنوية المتينة التي بفضلها استمر وجود الأمة العربية ولا يزال من عهود ما قبل الإسلام إلى اليوم، إذ ظلت على مر القرون الحاضنة لتراثنا الحضاري والثقافي والواصلة بين حاضرنا وماضينا والمثبتة لهويتنا، متحدية كل العراقيل التي قامت في طريق وحدتنا وهددت تماسك صفوفنا. وأخطرها ما نكبنا به من استعمار مباشر طيلة عقود وما فرض علينا بعده من تبعية اقتصادية وسياسية خانقة مجحفة. لكن لغتنا كانت دائما السد المنيع الذي يحمينا من الذوبان في الآخر والنبراس المنير الذي يبعث فينا أمل النهوض من كبواتنا، فلا نفتأ إثر كل نكبة أو أزمة نستجمع قوانا ونواصل مسيرتنا من جديد وكلنا عزم على الانعتاق نهائيا من إسار التخلف واللحاق بالأمم المتقدمة.
والحق أنه ما كان بقاء هذه اللغة الشريفة سليمة معافاة يتحقق لولا القرآن الكريم الذي ارتقى بها إلى درجة الإعجاز ولولا جهود أفواج متلاحقة من العلماء الأفذاذ استنبطوا قواعدها وضبطوا سنن كلام أهلها وحموها من كل ألوان الوهن والسقم كاللحن والتصحيف والتحريف، ويسروا للأجيال سبل تعلمها والأخذ بناصيتها. وهذا ما يحملنا اليوم مسؤولية جسيمة، هي الإسهام بقسطنا في خدمتها، وذلك بمواصلة صيانتها من كل الأخطار التي تتهددها، مع بذل أقصى الجهد من أجل تنميتها وترقيتها بإكسابها القدرة على استيعاب علوم العصر وأحدث مفاهيمه الحضارية لتكون لنا خير أداة للتنمية التي ننشدها في كل الميادين بلا استثناء، لما نراه لدى أكثر الشعوب تقدما في العالم من اعتمادهم الكلي على لغاتهم في جميع ميادين النشاط البشري.
وفي هذا المنحى نحن مدعوون في مثل هذا اليوم من كل سنة إلى محاسبة أنفسنا على ما قدمناه للغتنا من خدمات في هذين الاتجاهين: الحماية والصيانة من جهة، والتنمية والترقية من جهة أخرى. ولا يسعنا في هذا الصدد إلا أن نرتاح إلى المكانة الرسمية التي تحظى بها لغتنا القومية في كل الدول العربية حيث هي اللغة الرسمية فيها جميعا ويجري بها التدريس في التعليمين الابتدائي والثانوي وفي الكثير من المؤسسات الجامعية، وتنكب على تدارس قضاياها ووصلها بالتقانات الحديثة عدة مؤسسات علمية عتيدة أبرزها المجامع وأقسام اللغة العربية والتربية ووحدات البحث في الجامعات، وتسهر على نشرها خارج الوطن العربي معاهد ومراكز كثيرة تخصصت في تعليمها لغير الناطقين بها، وهو جهد محمود يذكر فيشكر.
لكننا بقدر ما نعتز بهذه الجهود وبالأعمال الراقية التي تمخضت عنها، لا يمكن لنا أن نغض الطرف عن الأخطار المحدقة بلغتنا والعوائق التي تقف في طريقها وتحول دون اضطلاعها بالدور المحدد لها. فهي إلى هذا اليوم لا تدرس بها العلوم الصحيحة والتقنية والتجريبية ولا تستعمل في البحوث والأطروحات في المعظم الأغلب من جامعاتنا، ولا تزال تنافسها في القطاعات الصناعية والجمركية والمصرفية والهندسية والطبية والصيدلية وجل قطاعات الخدمات اللغتان الإنجليزية والفرنسية. أما في الإعلام المسموع والمرئي وفي الإعلان فكثيرا ما تحل محلها العاميات المحلية بدعوى الحرص على الوصول إلى أكثر عدد ممكن من المتلقين، وهي أسباب واهية لأن المطلوب هو الارتقاء بمستوى المتلقي لا النزول إليه. يضاف إلى ذلك تشتت جهود المجامع والجمعيات اللغوية وغياب التنسيق بينها، وهو ما حكم على جل أعمالها في خدمة اللغة العربية بالقبوع على رفوف المكتبات وفي بطون الملفات وذاكرات الحواسيب.
لكن ثقتنا وطيدة في وعي سياسيينا وعلمائنا بما هو مطلوب منا جميعا في هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا بالمشكلات الجوهرية التي تواجهها لغتنا، وهو وضع التشريعات المناسبة الكفيلة بحماية لغتنا القومية وإحداث الهياكل القادرة على التنسيق بين جهود العلماء المنكبين على دراستها وترقيتها. وهو ما يتطلب أن نعمل في كل يوم على تذكير أنفسنا بواجب العناية بلغتنا العربية وترغيب أبنائها في تعلمها وتبسيط تداولها في شتى مجالات الحياة. وما إنشاء اللجنة القومية للغة العربية التي تمخضت عنها قمة الدوحة إلا دليل على هذا الوعي، وهو ما يدعونا إلى التفاؤل بمستقبل زاهر للغتنا. وما هذا بعزيز إذا صدقت العزائم وصحت الهمم”.


إضافة تعليق