إنتصار ناصر السيف تكتب: مَجْمَع اللغة العربيّة في قطر

إنتصار ناصر السيف تكتب: مَجْمَع اللغة العربيّة في قطر

إنّ أيّ تطوّرٍ حضاريٍّ يرمي آثاره، ويلقي ظلاله على اللغات الإنسانيّة، بوجه حسن أو سيّئ، والأمّة العاقلة التي تستثمر ذلك بما يتماشى مع لغتها؛ كيلا تكون مُتأثِّرة بما يُهدّدها ويُضعف دورها، واللغة العربيّة هي من اللغات المُتأثِّرة اليوم؛ لغياب الدور الحضاريّ المُعاصِر لأبنائها، الذي صاحبه ضعف حضورها، ما يستوجب جهداً أكبر منّا.

وانطلاقاً من إيماننا بالدور الذي يقوم به بلدنا في تأدية واجب خدمة اللغة العربيّة، والحفاظ عليها وصيانتها، الذي تمثَّلَ واقعاً، كما في قرار صاحبة السموّ الشيخة موزا بنت ناصر، في تأسيس المنظّمة العالميّة للنهوض باللغة العربيّة في عام 2013م. وكذلك تبنِّي قطر لمشروع صناعة معجم تاريخيّ للّغة العربيّة، هو «معجم الدوحة التاريخيّ للّغة العربيّة»، الذي بُدئ العمل به منذ عام 2013م، بعد أن تعثّرت صناعته في بلدان عربيّة أخرى، في تجارب سابقة.

فإنّنا نرجو ونأمل أن يستمرّ ذلك، عبر إنشاء مَجْمَع للّغة العربيّة في قطر، على غرار ما أُنشِئ في بلاد عربيّة عديدة، من أوّل مَجْمَع في دمشق عام 1919م، وما تلاه من مجامع ومؤسّسات لغويّة أخرى، في عمّان والقاهرة وبغداد والخرطوم والرباط وتونس والشارقة… التي وُظِّفت لخدمة العربيّة.

فإنّ الواقع اللغويّ في قطر القائم على تعدّد لُغويّ؛ نظراً لتعدّد الخلفيّات اللغويّة للمُقيمين بها، ما يُفرز إشكالات لُغويّة تؤثِّر على اللغة العربيّة، بحاجة إلى معاينة ومعالجة، فكم من متجر ومؤسّسة خاصّة تتداول مع المُتعاملين معها وثائق بالإنجليزيّة فقط، ولا تضع بجانبها العربيّة؟! فمن القُبْح رؤية ذلك.

فبلدنا عربيّ، مواطنوه عرب، ونسبة كبيرة من المُقيمين به عرب؛ فيجب أن تكون الأولويّة دائماً للّغة العربيّة، وتأتي الإنجليزيّة ثانياً، فهذا وغيره كلّه يوحي إلى الحاجة لولادة ذلك المَجْمَع المنشود، ليقوم بمهامه اللُغويّة؛ فيُخطِّط للّغة ويَسُوس قيادها، بما يُوضع له من صلاحيّات؛ فيعمل على تفعيل وحماية اللغة العربيّة وتعزيز دورها، عبر جُملة من الأهداف، منها:

1- البحث والدراسة في الواقع اللغويّ في قطر، على مستوى اللغة الفصحى، واللهجات، واللغات الأجنبيّة.

2- وضع الخطط والسياسات اللغويّة، لمواكبة رؤية قطر 2030، بما يُعزّز دور العربيّة على حساب غيرها.

3- الرقابة اللغويّة على مُسمّيات المؤسّسات والمحلّات واللافتات، وفرض المسمّيات العربيّة، وتصحيح الخاطئة منها، وفرض إضافة اللغة العربيّة إلى الوثائق والفواتير المتداولة لدى المتاجر والمؤسسات الخاصّة، إلى جانب الإنجليزيّة.

4- إصدار مجلّة فصليّة خاصّة بالمَجْمَع، تُنشر فيها قرارات وفتاوى المَجْمَع اللغويّة، ودراسات الباحثين؛ لتكون عاملاً مُساعداً في البحث العلميّ العربيّ.

5- عقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات، التي تناقش الإشكالات اللغويّة، والنظر في مقترحاتها وتوصياتها.

وهذه الأهداف على سبيل المثال لا الحصر، ونأمل تحقيقها على يدي مَجْمَع لُغويّ قطريّ كرقيب وسند للغتنا، فإنّ احترامنا للغتنا احترامٌ لذاتنا وحضارتنا.

ونحن على أمل أن يتحقّق هذا الحلم قريباً، بسواعد قطريّة، فلدينا في مجال اللغة العربيّة مَنْ هم وهنَّ أهلٌ لذلك، ولا مجال هنا لذكر الأسماء. بالاستعانة بجهود المُختصّين في اللغة من البلاد العربيّة، العاملين في قسم اللغة العربيّة في جامعة قطر، وفي معجم الدوحة التاريخيّ للّغة العربيّة، مع الاستفادة من تجارب المجامع العربيّة السابقة.

مقال رأي للكاتبة إنتصار ناصر السيف نقلا عن صحيفة الراية القطرية


(1) تعليق


  • مسعود

    بالنوفيق إنتصار، وإن شاء الله نسمع عن إنشاء المجمع قريبا.

    رد

إضافة تعليق