الباحث الفقراء يتأمل مستقبل العربية في ضوء المفاضلة بين اللغات

الباحث الفقراء يتأمل مستقبل العربية في ضوء المفاضلة بين اللغات

في إطار مبادرة «ض»، وضمن فعاليات موسمه الثقافي السابع والثلاثين، استضاف مجمع اللغة العربية الأردني، الأستاذ الدكتور سيف الدين الفقراء، في محاضرة حملت عنوان «أي مستقبل للعربية في ضوء المفاضلة بين اللغات؟»، وقدم المحاضر وأدار الحوار الأستاذ الدكتور محمد عصفور.

وبيّـن المحاضر أن المفاضلة بين اللغات والتحيّز إلى لغة ما، قد استندت إلى معطيات عرقية وأخرى دينية، وثالثة جغرافية, فقد أخذ الأوروبيون (الفيدا) وهو كتاب السنسكريتية المقدّس بديلاً للكتاب المقدّس يرون فيه تاريخهم، وربطوا بين الامتداد الشاسع للسنكريتية من الهند وحتى غرب أوروبا وبين قدرة هذا العرق على الاكتساح والتفوّق، وبرز عند الفلاسفة انحياز لغوي منذ مرحلة قديمة على النحو الذي برز عند الفيلسوف الألماني هردر في حديثه عن العبرية، كما برز هذا التحيّز عند جوزيف أرنست رينان وحديثه عن العرق الآري وتفضيله على الساميين, وربطه بين اللغة والدين، وهذا الربط برز عند ماكس مولر (ت1900م), وثمّة طائفة من العلماء ربطوا بين اللغة والدين والعرق أشار إليهم المزيني في كتابه التحيّز اللغويّ. وقد وضع فرديناند دي  سوسور (ت1913م) حدّا لهذا التحيّز عندما وجّه نقداً قوياً لتلك الاعتقادات العرقية والدينية اللغويّة.

لمّ تعد المفاضلة حكماً، بل هي سؤال، أو أسئلة. والإجابة تتطلّب اختبار الخصائص الأساسية للغة وموازنتها مع غيرها، ولن تتساوى هذه الخصائص في وزنها، بل تستمد قيمتها من استعمالها وأهمية وجودها في اللغة، فكثير من التفصيلات اللغويّة ليس لها مجال في الاستعمال، ولا تجدها إلّا في المتون وبطون الكتب، وكم طاف العلماء الرواة للبحث لها عن شاهد، فقط ليجعلوا منها قاعدة؟ وإذا قارنت وأردت الفاضلة فخذ لغتين تكون فيهما على القدر نفسه من المعرفة والإتقان, ووازن في الخصائص الأساسية بينهما، وحدد النقاط التي حققتها كلّ لغة في الوزن. وقرّر أي اللغات أسهل؟ وما هو أصلحها للتعليم؟ وما هو أيسرها للفهم والتعبير؟ فستكون الإجابة ليست المفاضلة بل مدى الصلاحية للبقاء، وهذا هو محور المفاضلة بين اللغات.

وبيّـن المحاضر أن واحدة من قواعد المفاضلة بين اللغات ماثلة في أنّه كلّما زاد عدد الألفاظ واتسع الترادف والمشترك والأضداد كلما زاد تعقيد اللغة وغموضها.

المصدر: صحيفة الدستور الأردنية


إضافة تعليق