العربية أعظم لغات التاريخ.. مرونة وتجديد

العربية أعظم لغات التاريخ.. مرونة وتجديد

بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية (18 ديسمبر) يتجدد السؤال: هل هناك خوف على اللغة العربية في راهنها ومستقبلها؟ أليست العربيّة من أكثر اللغات مرونة وقدرة على المواكبة والتجدد؟ أليست اللغة لسان حال متحدثيها، تتراجع بتراجعهم وتتقدم بتقدمهم؟ ألم تحتفظ اللغة العربية بألقها على مرّ العصور، فلماذا القلق بشأن تعزيزها وتمكينها؟

تشكل اللغة العربية الفصيحة رابطا جامعا للعرب في كل مكان، تكون عابرة للأزمنة والجغرافيات والاختلافات التي تتخلل اللهجات المحلية، تكتسي بحلل متجددة مع تطور أساليب الحياة، تثرى بالجديد وتستوعبه، ولا تنغلق على ذاتها، بل تنفتح على اللغات والثقافات والمكتشفات من منطلق القوة والثقة والمرونة.

يتعاطى الأدباء والمبدعون بحساسية خاصة مع اللغة، يعيشون من خلالها، يتنفسون عبرها، يرسمون بها عوالمهم الإبداعية. فكيف تراهم يجدون واقع اللغة العربية اليوم، وكيف ينظرون إلى مستقبلها في ظل المعطيات والمستجدات على مختلف الأصعدة، التكنولوجية وغيرها، وهل العربية في خطر أم أن المرونة التي تسمها تكفل لها التجديد ومواكبة الحداثة والعلم؟

الشاعر السوري جميل داري يشير قال إن اللغة العربية مثل بقية اللغات تعيش وتتطور بالعناية والرعاية، وتضعف وتهزل بالإهمال والتوقف عن التطور، وأن اللغة العربية ما زالت محل أخذ ورد، فمنهم من يقف حائلا في طريق تطورها بدعوى المحافظة على الأصالة والتراث، ومنهم من يدعو إلى ضرورة تطورها، لتواكب الواقع المتطور دائما.

ويقول داري -الذي درّس العربية لأكثر من ثلاثة عقود- “إن اللغة العربية بوصفها لغة ذات امتداد تاريخي طويل وقدرة على التغير المستمر والتطور بحسب المستجدات، تمتلك قدرة فائقة على الصمود أمام إهمال أبنائها. ولأن اللغة لسان متحدثيها فإن بعض اللغات غير العربية فرضت نفسها على الساحة العالمية بسبب تمكن أصحابها من آلة التقدم والتطور والقوة الصناعية والسياسية والاقتصادية، أما اللغة العربية فلا تزال جديرة بالبقاء لخصائصها الذاتية وتراثها المتمكن، واتصالها عبر قرون طويلة”.

أما الناقد والأكاديمي الجزائري لونيس بن علي تحدث عن واقع العربية والأدب العربي قائلا: “اللغة العربية من اللغات الحية، فبرغم الظروف العامة التي تحاصرها، وعلى الرغم من المخاطر التي تحدق بها، فإننا نلاحظ أن للأدب العربي -والرواية تحديدا- دورا استثنائيا في تطويرها، وتخليصها من البلاغة التقليدية، وتحريرها من التوظيف الخطابي والمنبري”.

ويضيف بن علي: “أرى أنّ الرواية اليوم هي صمام أمان اللغة العربية المعاصرة التي أصبحت مهددة بشكل حقيقي. طبعا، أترك جانبا التفسير اللاهوتي الذي يقول إنّ العربية باقية طالما أنها لغة التنزيل القرآني. لكن أريد أن يكون طرحي إنسانويا أكثر مما هو طرح لاهوتي بالدرجة الأولى. فما يُكتب اليوم من روايات -على تنوع أساليبها- تكشف عن هذا التوظيف الحي لعربية حيوية قادرة على التجاور مع النفس العربية، والتحاور مع الواقع العربي بكل تحولاته، وبكل عنفه كذلك، وهذه اللغة الروائية أصبحت تستقطب عددا لا يستهان به من القراء الذين هم في آخر المطاف يمثلون قنوات لاستقطاب تحولات اللغة العربية ضمن نسقها الروائي الفني”.

المصدر: موقع الجزيرة.نت


إضافة تعليق