العربية خير اللغات بقلم:أحمد قاسمي

<!--:ar-->العربية خير اللغات بقلم:أحمد قاسمي<!--:-->

العربية خير اللغات والألسنة..
( مخطىء من ظن أن اللغة العربية لغة الشعر والوجدان وليست بلغة علمية..)

هكذا قال الثعالبي في كتاباته: العربية خير اللغات والألسنة والإقبال على تفهمها هو الإقبال على فهم الدين..
وبما أن الدين الذي هو الإسلام نزل بلسان عربي مبين –أي بلغة واضحة، كاملة، لغة تحمل الإعجاز على مستوى الشكل والمعنى، ولازال الباحثون اللغويون لم يصلوا إلى مستوى اللغة العربية التي جاء بها الفرقان من حيث الأداة والمضمون.
فاللغة ليست مجرد مجموعة من الأصوات فقط كما عبر الغربيون الباحثون في أسرار اللغة( رينان)، وإنما هي وسيلة وذات، جسد وروح، وأكثر من ذلك هي الهوية التي تتبلور من خلالها العقيدة، والوعاء الذي يمثل الشخصية العربية القحة.فأي لغة لا تصب في موضوع وبدون هوية، ستظل لغة عقيمة وفضفاضة لا أقل ولا أكثر، وبالتالي ستموت عاجلا أم آجلا.أما الذين ينعتون اللغة العربية بأنها لغة الشعر والوجدان وهي ليست بلغة علمية تساير التطور الحاصل. فلنقل لهؤلاء لابد من العودة إلى تاريخ اللغة العربية والنظر إلى الإنجازات التي قام بها العرب قبل 4000سنة قبل الميلاد أو أكثر. أما أن تكون هذه الادعاءات خدمة للمرجعية الاستعمارية كما وقع أثناء فترة الاستعمار الكلاسيكي عندما حاولت طمس هوية الشعوب ومحو لغاتها وثقافتها بحجة أنها بالية، متخلفة، غير حضارية (أنظر ما فعله الاستعمار الفرنسي في بلدان المغرب العربي عندما حاول القضاء على اللغة العربية قضاء مبرما، وعندما حاولوا النيل من الدين الإسلامي وإحلال المسيحية محله عن طريق التبشير فهذا أمر آخر…
غير أن أحد الباحثين الغربيين ذهب إلى حد القول بان العرب وحدهم –فيما بعد الإسلام – يرجع إليهم الفضل في الربط الوثيق بين العلم والتكنولوجيا ويقول:إن أحدا لم يستطع القيام بعملية الربط بين التفكير النظري والتطبيق العملي القائم على منهجية تجريبية خلاقة كما استطاع جابر بن حيان في الكيمياء، والكندي في البصريات ، والرازي وابن سيناء في الطب ،وابن الهيثم في البصريات والفيزياء والبيروني في الفيزياء ،ولم يكتف اولائك العلماء العرب بهذه الإنجازات العلمية والعملية ،بل تمكنوا كذلك من اختراع وسائل وأدوات تكنولوجية هامة كالمختبرات وأدوات التجارب وذلك من أجل التحقق في صحة نظرياتهم ،ونظريات غيرهم من العلماء على حد سواء .كما ساهم اولائك العرب في تطوير وتحديث طرق الري واستخدام الطاقة المائية المتمثلة في الطاحونة المائية وطاقة الرياح المتمثلة في الطاحونة الهوائية، وهي المخترعات التي أخذت بها واستعملتها البلدان الأوروبية في العصور اللاحقة.

وحتى القرن السادس عشر، اعتاد العرب إنتاج أصناف متنوعة من البضائع كالصناعات الدمشقية والكحول والزرنيخ ودباغة الجلود وصياغة المجوهرات وتصدير الغزل والنسيج والحرير الخام وصناعة الحديد والصناعة المعدنية والكيميائية التي كان يصدر معظمها إلى أروبا.أضف أن عددا من الباحثين الغربيين أكدوا على دور التكنولوجيا العربية وإسهاماتها في تطوير الزراعة على ضفاف الأنهار الآسيوية والإفريقية الكبرى في بلاد مابين النهرين ومصر والهند والصين.ولا جدال في أن الأمة العربية بلغتها العربية ولسانها المبين كانت لها إسهامات متميزة ونصيب كبير في زيادة المعارف العلمية والخبرات التكنولوجية، ويذهب احد الباحثين العرب في هذا الصدد إلى القول بأنه ” عندما نفاخر بالعصر الذهبي للحضارة العربية في بغداد أو في الأندلس، فنحن نفاخر في الواقع بالتقدم المادي لتلك الحضارة في تلك الحقبة وبهذه اللغة العربية التي هي الآن في قفص الاتهام.
“ويستطرد هذا الباحث فيقول:”عندما نتحدث عن انتصارات الجيوش العربية إبان الحروب الصليبية، فنحن نتحدث عن تقدم تكنولوجي مهم كان وراء ذلك الانتصار”. وعلى هذا السياق فقد أشار المؤلف الفرنسي (ألان دوليبيرا)في كتابه بعنوان -التفكير في العصور الوسطى-وهو متخصص بشؤون الفلسفة في القرون الوسطى وكيفية انتقال الفكر الإغريقي إلى اروبا عن طريق العرب.
وهو على عكس العنصريين الذين ينكرون على العرب كل قيمة في مجال الحضارة والعلم..ثم يقول الباحث الفرنسي:”إن الإسهام العربي كان بالقطع حاسما بدءا من نهاية القرن 12 . وقد حصل ذلك أولا عن طريق إدخال الفلسفة الأرسطوطاليسية بواسطة ترجمة الكتب العربية الإسلامية إلى اللاتينية. وقد يصاب البعض بالدهشة إذا قلنا لهم بأن أول فيلسوف كبير ترجم إلى اللاتينية وكان فكره يمثل نظاما فلسفيا كاملا وشرحا كاملا للفلسفة الأرسطوطاليسية في ذات الوقت لم يكن أرسطو وإنما ابن سيناء. وما يقال عن هذا الفيلسوف يقال أيضا عن الفارابي والكندي وابن رشد واللائحة طويلة، إنجازات فكرية وأدبية وعلمية وفنية ضخمة كتبت باللغة العربية التي أضحت اليوم هذه اللغة موقع شك من لدن المغتربين الذين تحولوا إلى أبواق ووسائل ادعائية لمحاصرة اللغة العربية، لغة الأم.
فشجعوا اللهجة العامية والكتابة بها واللهجة الأمازيغية بجانب الفرنسة والإنجليزية والاسبانية ..غير أن اللغة العربية ونظرا لبنيتها الفيلولوجية وتطورها ومسايرتها للعصر، ستظل قوية وفي برج عاجي عن اللغات الاصطلاحية وعن اللهجات التي سوف لا تعمر طويلا.وتبعا لهذا المنحى في التحليل، فالعربية كلسان وهوية وحضارة كقوله تعالى “وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ..” تتطور بتطور الإنسان ولم تأخذ خطا واحدا بل عرفت تغيرا متتاليا، وهو تغير طبيعي لأن اللغة لا تعرف الاستقرار كما قال سوسير – بل هي وليدة المجتمع تتغير بتغيره.


(1) تعليق


  • عزت عبد العزز حجازي

    مقال رائع جدا. تحية عطرة

    رد

إضافة تعليق