د. شمسان بن عبدالله المناعي يكتب: لغتنا العربية الجميلة في خطر!

د. شمسان بن عبدالله المناعي يكتب: لغتنا العربية الجميلة في خطر!

لغتنا العربية هي وعاء ثقافتنا العربية الإسلامية، واللغة ليست هي مجرد وسيلة تخاطب، إنما هي مصداق هويتنا ونسق حياتنا وحاضنة تراثنا، وهي ذاكرة الأمة وتاريخها، ووجود الأمة مرتبط بوجود لغتها، والأمم التي انقرضت لغاتها زالت من الوجود، ولا بقاء لأمة يتخلى أهلها عن لغتها.

تاريخنا وعلومنا وإبداعاتنا في مجال الآداب والشعر كعرب مرهونة بوجود اللغة العربية الفصيحة سليمة من كل الآفات، وهي أولاً وقبل كل شيء لغة القرآن الكريم، يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: «إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون»، «سورة يوسف: الآية 2». كيف نغرس القيم الدينية الإسلامية ونعلم الأطفال تلاوة القرآن دون أن يتقن اللغة العربية؟ كيف نجعلهم يتفاعلون مع غيرهم بدون هذه اللغة؟

لغتنا العربية تتعرض اليوم لتحديات عديدة ولعل أهم هذه التحديات هو إحلال اللغة العامية محل الفصحى في كثير من المجالات وخاصة في وسائل الإعلام، فالناظر إلى وسائل الإعلام وخاصة المسموعة والمرئية الأرضية والفضائية يجد أن اللغة التي تستخدم هي العامية ولا تستخدم الفصحى إلا في نشرات الأخبار، وبث الخطب السياسية التي يلقيها القادة والزعماء في المناسبات المختلفة، وما شاكل ذلك، أما البرامج والمسلسلات والأفلام والمسرحيات والتعليق على المباريات وغير ذلك، فأغلبها بالعامية، لذا لا بد أن نكون منصفين وعادلين في الموازنة بين العامية والفصحى، فلم لا توجد هناك برامج ناطقة باللغة العربية! وكانت هناك تجارب ناجحة في هذا المجال على سبيل المثال لا الحصر، البرامج المخصصة للأطفال والتي كانت تجذبهم مثل «برنامج افتح يا سمسم»، والذي تم إنتاج النسخة الثانية منه وكيف يتجاوب الأطفال معه. وكذلك هناك قنوات موجهة للطفل باللغة العربية الفصحى مثل قناة «Space Toon»، وهي قناة للأطفال وكيف كان لها أثر كبير في الارتقاء بنطق الأطفال حسب ما شاهدت بنفسي، فالأطفال متعلقون بها جداً، ويفهمونها جيداً، وبسبب التزامها باللغة العربية الفصحى في كل ما تبثه وهذا دليل قوي على أهمية السماع في تكوين الملكة اللغوية وتنميتها عند الطفل، كما أنه دليل قوي على أهمية وسائل الإعلام المرئية خصوصاً في علاج المشكلة اللغوية والارتقاء بالفصحى.

لذا نؤكد على أهمية مراعاة خصائص المرحلة النمائية التي يجب أن نغرس فيها اللغة العربية وهي مرحلة الطفولة حيث إن الطفل سريع التعلم والالتقاط بينما ما يمنع الطفل من اكتساب اللغة العربية الفصحى بشكل سليم هم الآباء والمربون، حيث يعتقد بعض الآباء أن إدخال أطفالهم المدارس الخاصة غير الحكومية لتعلم اللغة الإنجليزية هو إنجاز مهم ويتفاخرون عندما يتحدث أطفالهم باللغة الإنجليزية وخاصة في المراحل العمرية الأولى من الصف الأول الأساسي وحتى الصف الرابع الأساسي، ولا يدركون أن هذا يشكل خطراً على أطفالهم في تعلم اللغة الأم وإتقانها، وهذا ينعكس سلباً على عملية تواصل الطفل مع الآخرين وكذلك على كثير من الجوانب الشخصية، فنلاحظ أنه يشعر أنه مختلف عن زملائه ويصبح قليل التفاعل مع أقرانه وهذا لا يعني أننا لا نعلم الطفل لغات أخرى كاللغة الإنجليزية.

في الماضي وقبل أن تغزونا اللغات الأجنبية كانت للغة العربية مكانة خاصة، وأذكر هنا من الأساتذة الذين كان لهم فضل علي وعلى غيري من الطلبة عندما كنا في المرحلتين الابتدائية والإعدادية حيث لا يتحدثون إلا باللغة العربية الفصحى سواء داخل الفصل الدراسي أو خارجه، مثل الأستاذ علي محمد المناعي في مدرسة قلالي الابتدائية فكان لا يتحدث إلا باللغة العربية الفصحى وكان يجذب الطلبة له في الدرس نظراً لما كانوا يسمعون منه من لغة عربية جميلة، يتغنى بها، وكذلك الأستاذ علي القلاف رحمه الله، والأستاذ محمد يعقوب في المرحلة الإعدادية في مدرسة طارق بن زياد الإعدادية، وغيرهم كثيرون يفخرون بهويتهم العربية، فلا يتحدثون إلا بها ولا يتفاعلون إلا معها فطوبى لهم.

لنراجع سياستنا الإعلامية فيما يتعلق بالرسالة الإعلامية الموجهة إلى المتلقي، ولنراجع مناهج اللغة العربية التي تدرس للطالب في المدارس الخاصة، فالحفاظ على لغتنا العربية هو في النهاية حفاظ على هويتنا العربية الإسلامية.

مقال رأي للدكتور شمسان بن عبدالله المناعي نقلا عن صحيفة الوطن


إضافة تعليق