عبدالعزيز المحمد الذكير يكتب: لغة القرآن.. لغة الضاد إلى أين؟

عبدالعزيز المحمد الذكير يكتب: لغة القرآن.. لغة الضاد إلى أين؟

لم نكن نُفكر ونحن في الابتدائية كيف برع أستاذ اللغة لا في إجادتها فقط بل وفي أسلم طريقة لتوصيلها إلى أذهاننا؟

طبعا لم يكن هناك ماجستير ولا بكالوريوس ولا دكتوراه ولا دورات وورش عمل. أنا متأكد من شيء من القدرة الممزوجة في حبهم للغة في أساتذة درّسونا النحو الواضح والإملاء من جواهر الأدب والصرف في المدرسة العزيزية بعنيزة. وأساتذة اللغة العربية آنذاك ربما أنهم أخذوا العلم من خلال التحاقهم بمجموعة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله الذي كان حجة في اللغة إلى جانب العلوم الشرعية.

أذكر كان فيه واحد أو أكثر جاءوا من مدرسة النجاة الأهلية في الزبير بالعراق. وجاءوا بشعر الرصافي والحلّي، جاءوا إلى عنيزة ليُدرّسوا وأمتعتهم الأبيات والقوافي والعَروض.

اللغة العربية حاضنة العرب، ولسانهم ومصدر فخر من يتحكم بقواعدها ونحوها وصرفها بينهم ويجيد نظم الشعر بها، هل تغيرت؟

وهل انتهى عصر كلمات عذبة ككلمات مجنون ليلى وابن زيدون وغيرهما، الذين حملوها في دواوينهم ومؤلفاتهم ومعلقاتهم، وحل محله عصر خطابات التحريض على القتل والبيانات الدموية التي تكتب بحروفها؟ فانتكست مفردات الحب والكيمياء والفيزياء والفلك وعلم الاجتماع وانتعشت مفردات الحرب، والقتل والسبي والأسر.

هل انتهت لغة الغزل وأصبحت العربية لغة عنيفة؟

من ناحية أخرى وجدنا بحورا من الثقافات غير العربية تجتاح مجتمعاتنا بشكل كثيف. وقبل مدة حذر خبراء في اللغة العربية من تعرض الفصحى لأزمة “غير مسبوقة” بسبب انتشار التعليم الأجنبي وما وصفوه بـ”استهتار بعض وسائل الإعلام بالعربية الفصحى”.

وأوصى مجمع اللغة العربية في القاهرة “بتصويب الكثير من سلبيات الأداء في وسائل الإعلام العربية وأبرزها زيادة استخدام العاميات واللهجات”.

أوصى بهذا عندما لجأت بعض القنوات إلى استخدام العامية في نشرات الأخبار، وهذا لم يكن أمرا مألوفا في السابق. كذلك وجد المجمع أن هناك أيضا من الصحف العربية من ينشر إعلانات مكتوبة باللهجة العامية أو بلغات أجنبية أو بخليط من كل هذا.

ومن أعمدة المتحمسين للغة الضاد الأستاذ فاروق شوشة الأمين العام للمجمع حيث إنه تم بالفعل تخصيص جائزة قيمتها 70 ألف دولار لأفضل عمل إعلامي لخدمة اللغة العربية، وذلك ضمن مجموعة من جوائز محمد بن راشد للغة العربية التي يشرف عليها المجمع في خمسة مجالات هي التعليم والإعلام والسياسات اللغوية والثقافة والتراث والتكنولوجيا.

ويشكو أعضاء المجمع وخبراؤه من تدهور استخدام اللغة العربية في مواقع التواصل الاجتماعي. وفي اجتماع سابق أوصى المجمع بتشجيع الشباب على استخدام الأحرف العربية في الرسائل والتغريدات والالتزام بأسلوب لا يجافي اللغة ولا يهبط بها إلى السوقية.

ومهما عملنا وتحمسنا فإننا نرى بأن هناك تراجعا في الاهتمام بالفصحى. وخلال كلمات ألقاها عدد من خبراء اللغة العربية، قال عدد منهم إن “اللغة العربية تواجه أزمة غير مسبوقة”.

وأتفق مع القائلين إن اللغة العربية تجابه حربا في أماكن كثيرة، والأدهى أنها تعاني من عدم التوقير داخل البلاد التي تنتسب للغة العربية.

وها نحن نرى أن الخطر الداهم على اللغة يتمثل في انتشار التعامل باللغات الأخرى في الكثير من المؤسسات، خاصة التعليمية والمصرفية، والانتشار الواسع للجامعات الأجنبية.

مقال رأي للكاتب عبدالعزيز المحمد الذكير نقلا عن صحيفة “الرياض”


إضافة تعليق