متخصصون يناقشون اللغة العربية في ندوة نظمتها وزارة الثقافة القطرية بالصالون الثقافي

<!--:ar-->متخصصون يناقشون اللغة العربية في ندوة نظمتها وزارة الثقافة القطرية بالصالون الثقافي<!--:-->

نظمت وزارة الثقافة والفنون والتراث ندوة دولية بعنوان «اللغة العربية وسؤال المستقبل»، ضمن فعاليات الصالون الثقافي بقاعة الفنان جاسم زيني في برج الوزارة.
جاءت هذه الندوة التي أقيمت تحت رعاية سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث بمناسبة احتفاء وزارة الثقافة باليوم العربي للغة العربية، في إطار الاحتفال السنوي الذي تدعو إليه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو» في الأول من مارس، بناء على قرار المجلس التنفيذي للمنظمة في يوليو 2009.

شارك في الندوة التي أدارتها الدكتورة حياة عبدالله معرفية المدير التنفيذي لمركز مناظرات قطر في اليوم الأول، كل من الدكتور علي الكبيسي أمين عام المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية والأستاذ بجامعة قطر، وتحدث في موضوع: «الجهد المؤسسي ومستقبل العربية.. قطر نموذجا»، حيث أكد اهتمام دولة قطر باللغة العربية من خلال مجموعة من المبادرات والبرامج التي تم اتخاذها، ومنها برنامج صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الخاص بتعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية الذي تنفذه المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافة «الإيسيسكو» منذ سنوات، ويتضمن إيفاد عدد من أساتذة اللغة العربية إلى المؤسسات التربوية والمراكز الثقافية في إفريقيا وعدد من دول أميركا اللاتينية ودول المنطقة الآسيوية من أجل توطين اللغة العربية، فضلا عن إعداد كوادر محلية متخصصة في الطرق التربوية لتعليم غير الناطقين بالعربية، منوها بأنه من ضمن جهود الدولة كذلك مبادرة تطوير التعليم العام في قطر تحت شعار «تعليم لمرحلة جديدة» ووضع معايير لمناهج اللغة العربية، بهدف استخدام اللغة بشكل صحيح واستخدام الفصحى بدقة في أداء المهارات اللغوية الأساسية، فضلا عن مشروع تطوير وتنقيح معايير اللغة العربية، وذلك في مجالي تطوير التعليم والأنشطة اللغوية التعليمية.

وتحدث الدكتور علي الكبيسي عن مبادرة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر للنهوض باللغة العربية وتأسيسها المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، مقدما رؤية حول أهم أهداف المنظمة ودورها المرتقب، مشيراً إلى وجود عدد من المبادرات التي تساعد على النهوض باللغة العربية في مجالات التعليم والثقافة، مثل مركز مناظرات قطر، ومبادرات معهد قطر لبحوث الحوسبة في مجال تقنيات اللغة العربية، وكذلك مؤسسة معجم الدوحة التاريخي للغة العربية وهي مؤسسة علمية تابعة لمعهد الدوحة للدراسات العليا الذي أسسه المركز العربي للأبحاث والدراسات العام الماضي. بينما تقدم الدكتور رصين صالح الرصين أستاذ اللغويات بجامعة صنعاء بورقة بحثية موسومة بـ «الإعلام والوسائط المتعددة عقبة في تطوير العربية أم فضاء للتمكين؟»، مشددا خلالها على أن استخدام الوسائط المتعددة يفيد اللغة العربية والمهتمين بها ويساعد المعلم والتلميذ على خلق فضاء أوسع لتمكين اللغة من الاستخدام اليومي، موضحا أن هذا التمكين مشروط بسلامة الوسائط من الأخطاء تماما خاصة الأخطاء الشائعة، أما إذا لم تخلُ الوسيلة من الأخطاء فتتحول إلى عقبة كؤود في طريق تطور وتحسين لغة المتلقين، مطالبا في حديثه بضرورة عقد اختبار في اللغة العربية لكل من يسجل درجة الدكتوراه في الجامعات العربية في مختلف التخصصات. إلى ذلك، تحدث الباحث اليمني عن مجموعة من الوسائط التي تستخدم في التعليم ومنها التعليم بالنص المكتوب وهو النمط التقليدي، والتعليم بالصورة الثابتة، والصورة المتحركة، والتعليم بالصوت، والتعليم بالفيديو وهو الأكثر شيوعا بين أنواع التعليم بالوسائط المتعددة، موضحا مميزات وعيوب كل وسيلة، فضلا عن تقديمه لنماذجَ للأخطاء التي يقع فيها الإعلاميون، مطالبا إياهم بمراعاة هذه الأخطاء نظرا لتأثيرهم على جمهورهم المستهدف.

وخلال اليوم الثاني، تحدث في الندوة التي أدارها الدكتور درويش العمادي مدير معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية بجامعة قطر، كل من الدكتور نهاد الموسى أستاذ العربية واللسانيات العربية بكلية الآداب في الجامعة الأردنية في موضوع: «الفصحى والعامية تكامل أم تضاد؟»، والدكتور محمد سعيد الغامدي أستاذ العلوم اللغوية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة في موضوع: «العربية الفصحى.. أزمة لسان أم أزمة إنسان؟».
وقال الدكتور نهاد الموسى، إن الفصيحة والعامية تحتلان موقعين مركزيين في المشهد اللغوي الذي شبهه ببرج بابل، ذلك أن العربية في المشهد اللغوي تتمظهر في تجليات شتى، فهي عربية فصحى في المصحف المرتل، وعربية فصيحة بالفعل في مثل الدراما التاريخية والتقارير الوثائقية والنشرات الإخبارية، وعربية فصيحة بالقوة في البحوث والمؤلفات والدوريات والصحف، وعربية فصيحة محكية يحاولها ويلتزمها متخصصون ومثقفون، وعربية شبه فصيحة تجري بها ألسنة مراسلي بعض الفضائيات، وعربية وسطى وهي مزاج من العامية المكتسبة والفصحى المتعلَّمة، ولهجات عامية محكية ومتداولة في سياقاتها المحلية بل ممتدة في بعض فضاء الإعلام والأفلام العربية والدراما الاجتماعية والشعر الشعبي (أو النبطي) وفيض الأغاني الشبابية، ولهجات عامية مكتوبة في حواشي بعض القنوات الفضائية والإعلانات التجارية، وعربية عامية مهجنة بالهندية أو الأردية، وعربية عامية مهجنة بالفرنسية وغير ذلك، لافتا إلى أن الفصحى والعامية تمثلان أبرز ما يتناظر في هذا المشهد اللغوي من وجوه التداول بالعربية وتمثلان الظاهرة الموسومة بالازدواجية.

وأبرز الدكتور نهاد أن الازدواجية في العربية تمثل مظهرا حاسما من مظاهر التحول الذي جرى على العربية، ليخلص إلى أن صفوة الرأي في العلاقة بين الفصحى والعامية أنها قائمة على التقابل الثنائي المتمايز بآمِرِ العُرف الاجتماعي، وأن امتداد بعض الفصيح في العامية وتسلل بعض العامي في الفصيحة مرجعه إلى ما يكتنف الخطاب اللغوي من تباين المقاصد، وهو يفيء في نهاية التحليل إلى جدل الثقافي والاقتصادي.
المداخلة الأخيرة كانت للدكتور محمد سعيد الغامدي أستاذ العلوم اللغوية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، الذي جاء بصيغة الاستفهام: «العربية الفصحى: أزمة لسان أم أزمة إنسان؟»، وأسهب في تبيان أن اللغة العربية تعد من مكونات الهوية إلى جانب العرق والدين، ورأى الدكتور الغامدي أن علينا أن نتعامل مع الأزمة بطريقة فكرية بعيدا عن العاطفة، محاولا الإجابة عن السؤال: هل اللغة وسيلة أم غاية؟ ليعود في الأخير إلى السؤال الأساس، ويؤكد أن اللغة أزمة إنسان بسبب ضعف أهلها.


إضافة تعليق