مستقبل اللغة والثقافة والهوية في دراسة بحثية بمكتبة الإسكندرية

مستقبل اللغة والثقافة والهوية في دراسة بحثية بمكتبة الإسكندرية

دراسة مهمة صدرت عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية ضمها العدد الرابع والعشرين من سلسلة «أوراق» بعنوان «اللغة ومستقبل الهوية: التعليم نموذجاً»، للدكتور ضياء الدين زاهر، أستاذ التخطيط التربوي والدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس بالقاهرة.

الدراسة عبارة عن مقاربة استشرافية لجدلية العلاقة بين الهوية ولغة التعليم وآثارها المجتمعية، خصوصاً على مسار العملية الثقافية، فمستقبل اللغة لا ينفصل عن مستقبل الثقافة، وبناء أجيال من الشباب الأكثر انتماء، والأكثر إيماناً وثقة في أنفسهم، وفي لغتهم. ليكونوا بناة نهضة أمتهم وحراس ثقافتها.

وتسعى الدراسة إلى بلورة رؤية مستقبلية تستهدف رسم مسارات للحفاظ على اللغة العربية، تدريساً وبحثاً، بما يكفل تكريس الهوية العربية وتجديدها.

ويتم استجلاء هذا من خلال تفحص دقيق لماهية الهوية وأنواعها ومحدداتها وأساليب تشكلها وعوامل هذا التشكل، ويتوازى مع ذلك تفهم موضوعي لمسارات اللغة العربية والعوامل المؤثرة فيها ومصادر التشوه اللغوي، ثم تبيان مصادر الخلل في أساليب تعلمها. ويترافق مع هذا كله تحليل موازٍ للطبيعة الجدلية بين الهوية واللغة وعلاقات التأثير بينهما. الأمر الذي يقتضي بالضرورة معالجات نظرية وإمبريقية واستشرافية لجميع مناطات التركيز السابقة.

وقد وضع الباحث عدداً من الافتراضات في مقاربته لموضوع البحث، وهي افتراض أن الهوية عملية دينامية متغيرة بفعل ضغط التحولات والمستجدات الحضارية والمجتمعية، وافتراض أن اللغة العربية ليست مادة مستقلة أو موضوعاً فردياً في مناهج التعليم، وافتراض مسؤولية كلِّ معلم عن تعليم اللغة الوطنية عن طريق غير مباشر. كما تم دراسة اتجاهات عينة البحث تجاه المسائل والقضايا الآتية: التحديات التي تواجه اللغة العربية الفصحى الآن وفي المستقبل في علاقتها بالهوية، طبيعة التشوهات اللغوية وأسبابها، دور المدرسة في تحديد مكانة اللغة الفصحى الآن وعلاقتها في المستقبل بالهوية، الموقف من التدريس باللغات الأجنبية والبحث بها وتداعياتها على الهوية، الموقف من معلم اللغة العربية وبرامج إعداده، التعريب والترجمة وتداعياتها على اللغة والهوية، وتداعيات وسائل الإعلام على اللغة الفصحى والهوية.

وعرض الدكتور ضياء الدين زاهر إشكاليات لغة التعليم وتداعياتها على الهوية، ولعل في مقدمة هذه الإشكاليات عدم وجود سياسة لغوية، فعلى الرغم كلِّ الجهود المبذولة في مجالات تطوير اللغة العربية، فنتائج هذه الجهود ما زالت مبعثرة ومحدودة، لعدم ارتباطها بسياسة لغوية تسعى إلى التمكين للغة العربية، وتربطها بالسياسات التنموية القاصدة إلى تلبية الاحتياجات الاجتماعية والثقافية للفرد والمجتمع، وذلك باعتبار أن السياسة اللغوية دالَّة للمستويات الثقافية والعلمية لمجتمعهم.

أما الإشكالية الثانية فتتمثل في تفشي الثنائية اللغوية كمعول هدم للهوية، وقد كان من تداعيات ظاهرة الولوع باللغات الأجنبية هذه أن أصبحت اللغة العربية منبوذة بين النخب الاجتماعية التي تعلم أبناءها لغة أجنبية أو لغتين منذ نعومة أظافرهم، ولا تلتفت إلى ضرورة إتقانهم العربية، الأمر الذي ينعكس سلباً على مستقبل إسهاماتهم العلمية، كما يجعلهم عاجزين عن التعبير الواضح عن أفكارهم بالعربية أو بغيرها، مما أسهم في ظهور ظاهرة المثقف (أو المختص) الأبكم الذي يعجز عن التعبير عن أفكاره بلغته القومية.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية


إضافة تعليق